العفو يا أمّي جُعلتُ فداكِ **** ومراد نفسي أن أنال رضاكِ
عجبا لنفسي إذ وقفت مودِّعا **** سعدي وما صدّقت أن ألقاكِ
حان الرحيل فكيف أجترع الأسى **** فتوهّجت مهجٌ لبُعْد نواكِ
الأنس ولّى و استحال لوحشةٍ **** ومشاعري تهفو إلى لقياكِ
أمّاه . . همّي أن تغيبي لحظةً **** عن منزلٍ يزهو بفوح شذاك
ضمّي فؤادي ضمّةً دفّاقةً **** ألاّ يطير أسى لفقد سناك
لولا الحياء لخالجتني عبرتي **** ولصحتُ بين الناس: ما أغلاكِ
الله قدّر في الحياة بأنني **** ما كنت في هذي الدُّنا لولاك
من ثديك الزاكي رضعت مبادئي **** وشربت ماء العزّ من يمناك
وترعرعت في راحتيك طفولتي **** و تيسرت طُرُقي بطيب دعاك
تشدو على قسمات وجهك فرحتي **** و تُرينَ أحزاني فؤاداً باكي
وإذا دهتني في حياتي نكبةٌ **** و رأيت في دهمائها إهلاكي
عُقِبَت سلاسلها بألفي مخرجٍ **** فعلمتُ أن دواءها تقواك
يا حبذا لُقياك يا روض الندى **** لأسيح من دنياي في دنياك
ُأمّاه جودي من رضاك فإنما **** جنّات عدن ٍ بابُها قدماك
لا تسخطي أمّي عليّ فإنما **** عُقْبى عقوق الأم كالإشراك
زُكّيّتِ عن "أُفٍّ " " ولاتنهرهما" **** فلسوف يعصىالله من يعصاك
ما زلتُ طفلاً عندها حتى وإن **** ألقيتُ في بحر المشيب شباكي
أهوى الحنان ، وتجتذبني بسمةٌ **** و رجولتي تعتزُّ عند سواك ِ
كم كادني بؤس الحياة و جدبُها **** ليشدَّني شوقي إلى مغناك
ما أطيب الدنيا و أجمل عيشها **** ما فاح مسكك، واستدام رؤاك
لولا قلوب أنتِ درّة عقدها **** لم تعْدل الدنيا سقيط ِشرَاك*
تشدو على أنغام يُمْنك عيشتي **** و أسير في الدنيا بنور مناك
حتى إذا ما أغمرتني بالندى **** و البّر و الخير العميم يداك
ذكّرتِني مُهجاً تعيش شقيّةً **** فقدت حشا أمٍّ كمثل حشاك
قلبي يحنُّ على اليتامى حسرةً **** ألاّ يروا في الدهر مثل نداك
لكنّ لله المهيمن حكمةٌ **** و الله مكتفلٌ بذا و بذاكِ
أمّاه..أمشي في الركاب مودِّعا **** فكأنما أمشي على الأشواك
لكنّها الدنيا . . و تلك طباعها **** فرحٌ. .ولحظة عشرةٍ. .وتباكي
مهما تباعدنا فأنتِ قريبةٌ **** من خاطرٍ يرنو إلى ذكراك
سبحان من خلق المحبّة و التُّقى **** ليضمّها هذا الفؤاد الزاكي
أدعو الإله بأن يزيدكِ صحّةً **** وسلامةً..وتقىً .. وأن يرعاكِ