في أحد الأيام المشمسة كنت أجلس تحت شجرة كبيرة من يراها يخيّل إليه أنها
مظلة كبيرة أو كطائر النسر مفردا جناحيه يظللني بينما كنت أتأمل جريان
النهر والأسماك بداخله تتراقص كلاعبات الباليه في إتقانهن للرقصات وبينما
كنت غارقة في مشاهدة هذه الرقصات الجميلة لمحت بجانبي ظلا فنظرت خلفي فلم
أصدق ما رأته عيناي فنزلت دموعي التي أُسبلت بغزارة وهكذا بلا استئذان إنه
هو حبيبي الذي فقدته منذ خمسة عشر عاما وقفزت وبلا وعي مني لأحتضنه بشدة
حتى كدت أفقده مرة أخرى من شدة عناقي له ...
إنه كما كان وسيما ولم تظهر عليه ملامح تقدم السن أبدا بل كان أكثر شبابا
وحيوية تضيء ابتسامته ، قطع عليّ حبل أفكاري بضحكته المعهودة بينما ضحكت
أنا بهستيريا فارتميت بأحضانه أبكي وبدأت ألومه على سنوات الفراق حيث
تركني خلالها وحيدة حزينة أصارع آلامي دون حبيب يساندني ولكنه بدأ كعادته
بتقديم الحجج والأعذار.
سألته : لماذا تركتني وحيدة هنا أعاني الوحدة والقسوة ؟
قال : كنت مضطرا للرحيل .
فقلت له : ولماذا؟ لماذا ترحل وتتركني؟
قال لي : حتى أواصل تعليمي وأكّون لنفسي مستقبلا ؟
هنا فقط تعجبت واكتشفت شيئا لم أدركه من قبل وهو أن هذا الشخص الذي عانقته
بشدة لم يكن إلا ابن حبيبي المتوفى ... إنه .... إنه ابني أنا !!!